القرقيعان، القريقعانة، الكريكعان، الناصفة، الكريكشون، القريقشون، قرقاعون، قرنقعوه، القرنقشوه: كلها أسماء لعادة منتشرة منذ زمن في دول الخليج العربي، مثل البحرين والإمارات والكويت والعراق والسعودية وعمان، وهي عبارة عن تقليد سنوي يقام في ليلة النصف من رمضان، وهناك من يحتفل بها في منتصف شعبان، ومن يحتفل بها في كل من أيام: 13، 14، 15 من رمضان أو شعبان. فما هو حكم الاحتفال بالقرقيعان ؟ وما هي آراء العلماء في هذه العادة؟ فهل هي عادة من الإسلام؟ أم أنها عادة مستحدثة؟
ولكن قبل أن نتحدث عن القريقعان، فلنتحدث قليلا عن هذه العادة، وما يحدث فيها، وما هي التقاليد المنتشرة فيها؟
ماهو احتفال القرقيعان
يحتفل الكثيرون بالقرقيعان كما قلنا في النصف من رمضان أو من شعبان، حيث يطوف الأطفال حول البيوت مرتدين ملابسا وأزياء شعبية تقليدية، ويرددون الأهازيج، ويقرعون البيوت على الناس ليوزعوا عليهم الحلوى، وتختلف عاداته من مكان لآخر لكنها تشترك في المضمون.
القرقاعون في الخليج
في دول الخليج، عادة ما يطوف الأطفال على البيوت ويجمعون الحلوى، وقد تطور الأمر مؤخرا وصار فيه عادات أخرى جديدة، فصار فيه نوع من المبالغة حتى صار كأنه يوم عيد.
ومن عادتهم أن الأطفال يخرجون بعد الإفطار في رمضان حاملين أكياسا قماشية ويرددون الأهازيج، ويقرعون على البيوت ويجمعون الحلوى والمكسرات. ومن الأغاني التي يكثر ترديدها عندهم:
قرقاعون عادت عليكم يالصيام.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة..
سلم ولدهم يا ألله.. خليه لأمه يا الله.. يجيب المكده ويحطها.. بحضن إمه.. ياشفيع الأمة.. عسى البقعة ما إتخمه، ولا توازي على أمه.
قرقيعان وقرقيعان.. بين اقصير ورميضان..
عادت عليكم صيام.. كل سنة وكل عام..
ناصفه حلاوه على النبي صلوات اعطونا من مالكم الله يخلي عيالكم … ناصفه حلاوه ناصفه حلاوه…
القرقاعون في السودان
أما في السودان، فيسمى بيوم الحارة أو الرحمتات، وترتبط بصدقات يقدمها أهل المتوفى للأطفال الذين يجوبون الأحياء، ويستخدمون فيها الدفوف والطبول، ولا يلبسون ألبسة مميزة، ويكون هذا اليوم عندهم في آخر خميس من شهر رمضان.
نشأة القرقيعان وأصل تسميته
ما انتشر بين الناس أن هذه العادة عادة أصيلة في منطقة الخليج، وانتشر أن تسميتها بالقرقيعان أو القرقاعون وما شابه ذلك ترتبط بقرع الأطفال على الأبواب، وقيل أيضا أنه مصطلح شعبي يطلق على السلة الكبيرة المصنوعة من سعف النخيل التي تملأ بها المكسرات.
لكن وهنا المشكلة، القليل يعرفون أصل هذه العادة على الحقيقة، ومن أول من فعلها وأدخلها في حياة الناس.
فمثل هذه العادات قطعا لم تكن منتشرة في زمن النبي ﷺ وفي زمن الصحابة والتابعين، والذين تقصوا أصول هذه العادة من العلماء قالوا عدة أقوال في أصلها منها:
- أن بعض الناس من أهل الأهواء قد استحدثوا هذه العادة مدعين أن رجلا بشر رسول الله ﷺ بمولد الحسين فقال رسول الله: قرة عين. فاشتقت تسميتها من كلمة قرة عين. وهذا بلا شك بدعة منكرة كما يقول العلماء.
- أنها عادة جاء بها الروافض في زمن الدولة الفاطمية فعلوها قربة في يوم مولد الحسن بن علي رضي الله عنهما، وهذا والعياذ بالله قد يكون من الشرك بهذا الاعتقاد.
- وقيل أيضا أن أصلها مولد إمام من أئمة الرافضة ولد في النصف من رمضان، يحتفلون بيوم مولده ويرددون أهازيجا يرددون فيها نداء له واستغاثة به، وهذه من الشركيات نسأل الله السلامة والعافية.
والآن ننتقل لحكم هذه العادة عند العلماء، نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
حكم الاحتفال بالقرقيعان للشيخ ابن باز
إن الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى لما كان على رأس هيئة كبار العلماء بالسعودية، جائهم سؤال عن هذه العادة التي تسمى بالقرقيعان، ومفاد السؤال كما في الوثيقة التي ضمناها في الأسفل كما يلي:
” أنه جرت العادة في دول الخليج وشرق المملكة أن يكون هناك مهرجان (القريقعان) وهذا يكون في منتصف شهر رمضان أو قبله وكان يقوم به الأطفال يتجولون على البيوت يرددون أناشيد ومن الناس من يعطيهم حلوى أو مكسرات أو قليل من النقود وكانت لا ضابط لها إلا أنه في الوقت الحاضر بدأت العناية به وصار له احتفال في بعض المواقع والمدارس وغيرها . وصار ليس للأطفال وحدهم . وصار تجمع له الأموال.”.
فكانت إجابة هيئة كبار العلماء (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) رحم الله من مات منهم وحفظ من ما زال منهم حيا أنه لا يجوز الاحتفال بهذه العادة، والوثيقة تضمنت أسماء العلماء: عبد العزيز بن باز رحمه الله، عبد الله الغديان رحمه الله، بكر أبو زيد رحمه الله، عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله، صالح الفوزان حفظه الله.
وكانت إجابتهم كالآتي:
” وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء المذكور أجابت عنه بأن الاحتفال في ليلة الخامس عشر من رمضان أو غيرها بمناسبة ما يسمى مهرجان القريقعان بدعة لا أصل لها في الإسلام (وكل بدعة ضلالة) فيجب تركها والتحذير منها ولا تجوز إقامتها في أي مكان لا في المدارس ولا في المؤسسات أو غيرها. والمشروع في ليالي رمضان بعد العناية بالفرائض الاجتهاد بالقيام وتلاوة القرآن والدعاء. والله الموفق…… وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..”.
وإجابتهم واضحة كافية شافية بحمد الله.
الوثيقة الرسمية موقعة من الشيخ ابن باز وباقي العلماء لـ حكم الاحتفال بالقرقيعان :
حكم القرقيعان عند علماء آخرين
وقد أفتى في القرقيعان غير واحد من العلماء الكبار، منهم الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله، قال أنه لا أصل له في الإسلام وبدعة، وأن الترب لله يكون بما شرعه الله ورسوله.
وقال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله أنها ليست بعادة وأنها لا تجوز، وأنه لا يجوز من أوجه:
- لأن أصلها ولادة إمام من أئمة الرافضة كما أسلفنا.
-
“أنها عيد يتكرر كل سنة، ويحرم على المسلمين أن يجعلوا عيدا يتكرر كل سنة غير العيدين المعروفين اللذين أبلنا بهما الله عز وجل عن أديان الجاهلية. وكل عيد ليس من هذين العيدين هو من أعياد الجاهلية.
-
أنها تتضمن نداءات شركية، فيها نداء للنبي ﷺ وطلب منه، وفيها بعضهم يقول: سيدي شيهن يا شربيت. شيهن هذا هو إمام الرافضة، وهذه استغاثة به ونداء له، وكل هذا لا يجوز. “
ختاما
أقوال العلماء بحمد الله في هذه القضية واضحة جدا، والخلاصة أن حكم الاحتفال بالقرقيعان أمر حرام شرعا ومن البدع المنكرة التي يجب علينا تركها و التحذير منها، وليس لنا أن نحدث في الإسلام أمرا ليس منه، كما قال رسول الله ﷺ عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:
{ مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ.} رواه البخاري ومسلم.
لذلك على الإنسان المسلم أن يبتعد عن هذه الأمور كلها، ولنا في عيد الفطر وعيد الأضحى كفاية ولله الحمد. فلسنا بحاجة إلى أي يوم آخر نحتفل فيه ونفرح غير ما شرعه الله عز وجل ورسوله الكريم ﷺ، وهذا هو أصل الإسلام، أن كل أمر يتوقف على الدليل. نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
مصادر لـ حكم الاحتفال بالقرقيعان
ويكيبيديا (في تسميات القرقيعان وعاداته)
الوثيقة الموقعة لفتوى هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله.
فتاوي الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله
فتاوي الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله