علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أبو الحسنين، ابن عمِِّ وصهرٌ لرسول الله ﷺ، وكني أيضا بأبي تراب، وهي كناية كناه بها رسول الله ﷺ، وكان رضي الله عنه حامل لواء رسول الله ﷺ يوم بدر وفي معظم المشاهد بعدها، وفي فضائله رضي الله عنه وأرضاه ما لا يعد ولا يحصى في مجلدات عظيمة، ومع كل ذلك، مات أبو الحسنين رضي الله عنه على أيدي رجال من المسلمين بعد فتن وحوادث يندى لها الجبين، فما هي قصة استشهاد علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه؟ وكم كان عمره حين استشهد؟ ومن الذي قتله؟ هذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله تعالى في هذا المقال.
تعريف علي بن أبي طالب رضي الله عنه
هو عليُّ بن أبي طالبٍ عبدُ مناف بنُ عبدِ المطلبِ بنُ هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، الخليفة الراشد الرابع أمير المؤمنين، أبو الحسن. أمه فاطمة بنت أسد بن هام بن عبد مناف الهاشمية بنت عم أبي طالب، من حفاظ القرآن ومقرئيه، ومن رواة الحديث، روى الكثير عن النبي ﷺ، وهو من السابقين الأولين، إذ أنه أول من أسلم من الغلمان، شهد بدرا وما بعدها، وهو من العشرة المبشرين بالجنة.
متى تولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة
تولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة لما استشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ذلك سنة 36 للهجرة، ودامت خلافته لأربع سنوات، حدثت خلالها حوادث وفتن كثيرة.
ولنا في الحوادث التي حدثت في زمنه رضي الله عنه مقال كامل، يمكنك الاطلاع عليه من هذا الرابط:
ماذا حدث في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟
من الذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟
والآن، نأتي للمؤامرة العظيمة، والمكيدة الخبيثة، التي كادها أعداء الإسلام لعلي رضي الله عنه، وقصتها كالتالي:
اجتمع بمكة المكرمة، عند بيت الله الحرام ثلاثة من الخوارج وهم: عبر الرحمان بن ملجم المرادي، البُرَكُ بن عبد الله التميمي، عمرو بن بكير التميمي، فتعاهدوا وتعاقدوا أن يقتلوا هؤلاء الثلاثة في يوم واحد في ساعة واحدة: علي بن أبي طالب، معاوية بن أبي سفيان، عمرو بن العاص رضي الله عنهم. معتقدين بهذا أنهم يريحون الناس من شرهم، فقد كانوا يعتقدون في هؤلاء أنهم أضل الناس على وجه الأرض، وهذا من أعجب العجب وأقبح الجهل.
فقال عبد الرحمان بن ملجم: أنا لعلي. وقال البُرَكُ: أنا لكم لمعاوية، وقال عمرو: أنا أكفيكم عَمْرا. واتفقوا على أن يكون هذا ليلة 17 من رمضان عند الخروج إلى صلاة الفجر.
فأما عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان فلم يقتلا، وأما علي فقد وقع في المكيدة، وقدر الله وما شاء فعل.
ذهب عبد الرحمان بن ملجم هذا وقد أخذ سيفه بعد أن وضعه في السم شهرا كاملا، فترصد لعلي رضي الله عنه لما خرج من بيته وقت صلاة الفجر، وكان علي رضي الله عنه ينادي في الناس: الصَّلاةَ الصَّلاةَ. يوقظ الناس، فهو الخليفة رضي الله عنه وأرضاه.
فضرب عبد الرحمان بن ملجم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه على هامته بالسيف المسموم فسال الدم على وجهه، ثم بقي يومين أو ثلاثة وتوفي رضي الله عنه على إثر تلك الضربة. وكان هذا في شهر رمضان من السنة 39 بعد الهجرة النبوية.
ومن أعجب العجب أن قاتل علي هذا، كان من حفاظ القرآن ومقرئيه، حتى أنه لما كان عمرو بن العاص واليا على مصر في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أرسل عبد الرحمان بن ملجم إلى عمر بن الخطاب يسأله عن مستعجم القرآن، فلما علم عمر بأنه من حفاظ القرآن أرسل إلى عمرو بن العاص يأمره بأن يقرب داره من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه. فهذا الذي قتل عليا كان عمر رضي الله عنه قد زكَّاه في زمنه، ومع ذلك أصابته الفتنة فضل عن سواء السبيل.
كم كان عمر الإمام علي بن أبي طالب عندما استشهد
إن سن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيه اختلاف بين أهل العلم، وقد اختلف في كم كان سنه حين أسلم على 3 أقوال:
- أنه أسلم وهو ابن ثمان سنوات، وعلى هذا الحساب يكون عمره حين توفي 60 أو 61 سنة.
- أنه أسلم وهو ابن 9 سنوات، وعلى هذا يكون عمره حين توفي 61 أو 62 سنة.
- أنه أسلم وهو ابن 14 سنة، وعلى هذا يكون عمره حين توفي 66 أو 67 سنة.
ويبدو أن الأرجح هو القول الأول.
ختاما
هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مبشر بجنة الخلد، زوَّجهُ رسول الله ﷺ بمن؟ بسيدة نساء أهل الجنة! فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنها، وقال فيه رسول الله ﷺ في فضله من الأحاديث الكثير، ثم يأتي شرذمة من الجهال ليقتلوه ظانين أنهم فعلوا الصواب، فإنها والله فتنة عظيمة، والمتأمل في هذه الحادثة يفهم جيدا معنى قوله تعالى:
يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[النحل:93]
وأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، مهما كان الإنسان المسلم طائعا لله عز وجل عابدا له، حافظا للقرآن متقنا ضابطا، فعليه أن لا يغتر بنعمة الله عليه ولا يتكبر ويعجب بها، وأن يسأل الله التوفيق والسداد والثبات على السراط المستقيم.
وعلى كل حال فكل هذه الحوادث وإن ظهرت أنها شر ولكن لله عز وجل حكم ربانية في حدوثها، وإليه يرجع الأمر كله.
نسأل الله أن يهدينا صراطا مستقيما، ونعوذ به من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأله تعلى أن يهدينا ويغفر لنا ذنوبنا، وأن يحشرنا مع زمرة الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وخلفائه الراشدين المهديين وسلم تسليما كثيرا.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
مصادر
القرآن الكريم
موقع الدرر السنية (لصحة الأحاديث)
كتاب سير أعلام النبلاء (للذهبي رحمه الله)
قصة مقتل علي رضي الله عنه للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله (فيديو يوتيوب)