مصر هي بلاد من البلدان العربية الإسلامية، يعود تاريخها لآلاف السنين قبل الميلاد، لم تكن عربية، و إنما عربها الإسلام، فتحت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فتحها الصحابي الجليل عمرو بن العاص –رضي الله عنه- في السنة العشرين للهجرة، و قد سبق هذا الفتح بشارة من رسول الله ﷺ بفتحها و ثناء على أهلها. و قد حدثت فيها عدة أحداث مهمة مع الرسل عليهم السلام ذكر بعضا في القرآن الكريم، و في مقالنا هذا نتحدث عن: كم مرة ذكر مصر في القرآن ؟ ما الاحاديث النبوية التي ذكرت فيها مصر ؟ و ما مكانتها في الاسلام ؟
الآيات التي ذكرت فيها مصر في القرآن
ذكرت مصر في القرآن الكريم أربع أو خمس مرات، على خلاف بين أهل العلم، لأن إحدى الآيات ذكر فيها لفظ: مصرًا بالتنوين في الأخير في بعض القراءات، و قرأها بعض القراء بلفظ: مصرَ بالفتح فقط، لذا اختلف في إذا ما كانت تعني بلاد مصر أو هي مصرٌ من الأمصار، و هي البلدان، و من قال أنها بلاد مصر هم من قرأوها بلا تنوين، لأنها اسم علم و اسم العلم لا ينون و لا يجر.
لذا تكون الآيات التي ذكرت فيها مصر في القرآن و ليس فيها اختلاف هي:
- قال تعالى: << وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ >> ﴿٢١ يوسف﴾.
و هذا كان في قصة يوسف عليه السلام حين رماه إخوته في الجب ثم أخرجه بعض عابري السبيل من ذلك البئر و اشتروه من إخوته، ثم باعوه في مصر لعزيز مصر، و اشتراه هذا العزيز لامرأته في القصة المعروفة في سورة يوسف، و يوسف عليه السلام بعثه الله لأهل مصر، و دعا إلى الله هناك و انتقل بنو إسرائيل بعد ذلك إلى مصر و سكنوا فيها، و قد كانت فيها حضارة عظيمة آنذاك، و هي حضارة الفراعنة، و أرسل الله إليها يوسف عليه السلام فسرى فيها التوحيد، ثم عاد الشرك بعد ذلك و أرسل الله موسى عليه السلام.
- قال تعالى: << وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ >> ﴿٩٩ يوسف﴾.
و هذه الآية أيضا وردت في سورة يوسف، و هي حين قال لقومه آتوني بأهلكم أجمعين، ثم جاء قومه إلى مصر ليسكنوا فيها فقال لهم: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، و رفع ابويه على العرش و سجدوا له في القصة المعروفة.
- و قال أيضا: << وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ >> ﴿٥١ الزخرف﴾.
و أما هذه الآية فقد وردت في قصة موسى عليه السلام مع فرعون، إذ اغتر بما له من الملك و القصور و الأنهار التي تجري في البلاد، و ظن أنه إله من دون الله، و الله يمهل و لا يهمل، فكان يمد له في الغي ثم انتقم منه، و هكذا سنة الله في الأرض، يمد في الغي للغاوين، و يعطي القوة و الملك للطغاة ليستدرجهم بها، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر حتى لا يبقى منهم سوى آثارهم شاهدة عليهم، كما هو حال فرعون، أغرقه الله في اليم ثم نجى جسده ليكون عبرة، هو و غيره من الطغاة في التاريخ، و قد بادت هذه الحضارة الفرعونية و غيرها إلى أن جاء الإسلام إلى بلاد مصر فكرمها الله به و هي عليه إلى اليوم و لله الحمد و المنة.
- و قال: << وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا >> ﴿٨٧ يونس﴾.
و هذه الآية أيضا في قصة موسى عليه السلام، و هذا بعد حادثة اجتماع السحرة مع موسى و إيمانهم، أمر الله موسى و هارون عليهما السلام أن يتبوآ لقومهما بمصر بيوتا، يختبؤون فها من فرعون، و أمرهم أن يجعلوها باتجاه القبلة ليصلوا فيها، فأذن لهم أن يصلوا في بيوتهم خشية على أنفسهم. ثم هربوا من مصر بعد ذلك و شق الله لهم اليم و انتقم من فرعون و جنوده.
و الآية التي ذكرت فيها مصر في القرآن و التي فيها خلاف إذا ما كانت يقصد بها بلاد مصر أم لا:
- قال تعالى: << اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ >> ﴿٦١ البقرة﴾.
و هذه الآية أيضا في قصة موسى عليه السلام، حين أنزل الله عليهم المن و السلوى بعد أن خرجوا من مصر، و المن و السلوى أنواع من الطعام، فالمن نبات يشبه الطحين، يصنع به الرغيف فيأتي حلوا، و السلوى طائر يأتي في الليل يأكلونه، فقالوا لموسى ادعو لنا ربك يخرج لنا من نبات الأرض من الفول و العدس و البصل و بقلها… فقال لهم: اهبطوا مصرا، و هنا اختلف العلماء فيما إذا كان يقصد بلاد مصر التي كانوا فيها أو مصرا من الأمصار أي مدينة من المدن، لأنهم حينها كانوا ي البدو.
الاحاديث النبوية التي ذكرت فيها مصر
يوجد حديثان ذكر رسول الله فيهما مصر و هما:
- عن أبي ذر الغفاري أن رسول الله ﷺ قال: < إِنَّكم ستفتحونَ مصر ، وهِيَ أرضٌ يُسَمَّى فيها القيراطُ ، فإذا فتحتُموها ، فاستَوْصُوا بأَهْلِها خيرًا ، فإِنَّ لهم ذمَّةً و رَحِمًا > صححه الألباني.
- و عن أم سلمة أم المؤمنين ان الرسول ﷺ قال: < اللهَ اللهَ في قِبْطِ مصرَ ؛ فإنكم ستظهرون عليهم ، ويكونون لكم عُدَّةً وأعوانًا في سبيلِ اللهِ > صححه الألباني.
أما الأحاديث الأخرى التي تروى عن مصر فهي ضعيفة و منها ما هو مكذوب عن النبي ﷺ، و في هاذين الحديثين كفاية، فقد أثنى الرسول ﷺ فيهما على أهل مصر، و قال عنهم أن لهم ذمة و رحما لأن أم إسماعيل عليه السلام هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام كانت من أهل مصر، و قد كان هذان الحديثان بشارة من رسول الله ﷺ بفتح مصر و ثناء عليهم و أنهم سيكونون عدة و نصرا للإسلام و المسلمين.
و هذا من عظيم الشرف الذي حصل لمصر و أهلها، أن أوصى بها رسول الله ﷺ و بأهلها، و أن ذكرت مصر في القرآن الكريم، و قد كانوا بالفعل نصرا و أعوانا في سبيل الله، فكم أنجبت و لا زالت تنجب من العلماء و القادة ما شاء الله، و هي بلاد علم و علماء.
اللهم احفظ مصر و أهلها، و ارزقهم من الطيبات و ابعد عنهم الخبائث، و قوي فيها شوكة العلماء و انصرهم، و ابعدها و أهلها عن كل شر يا رب العالمين.
و صل اللهم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين.
مصادر
القرآن الكريم
السنة النبوية –موقع حديث للتأكد من صحة الأحاديث-