متى كان صلح الحديبية وما نتائجه وشروطه

صلح الحديبية الشهير هو عبارة عن هدنة تم الاتفاق عليها بين المسلمين وكفار قريش، وكان ذلك في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة، وكان ذلك بالقرب من مكان يسمى الحديبية قبيل مكة، حيث إنه في هذه السنة رأى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم رؤيا في منامه أنه يدخل هو وجميع أصحابه إلى المسجد الحرام ويطوفون به، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بهذا وسعدوا كثيرًا، خاصة وأن رؤيا الأنبياء دائمًا تتحقق، كما اشتاق المسلمون إلى دخول مكة وإتمام فريضة الحج.

محتوي المقال

صلح الحديبية

تم عقد الصلح في منطقة الحديبية في شهر ذي القعدة من العام السادس هجريًا، وكان هذا الصلح بين المسلمين ومشركي قريش، وكانت مدة الصلح عشر سنوات، كما اختلف البعض حول تسمية حادثة الحديبية حيث أن:

أطلق عليه العلماء الذين قاموا بتدوين السيرة النبوية اسم الصلح.
سماها بعض المحققين من أهل العلم بقصة الحديبية وأمر الحديبية وغزوة الحديبية.
كان سبب تسمية الحديبية بهذا الاسم ذاته نسبة إلى المكان الذي تم فيه الصلح.

شاهد أيضًا: أحداث غزوة بدر الكبرى بالتفصيل

متى كان صلح الحديبية

لقد تم عقد هذا الصلح في السنة السادسة للهجرة بما يوافق عام 627 ميلاديًا، وإليكم أبرز المعلومات الهامة حول ذلك الحدث:

يرجع السبب في الإتفاق على هذا الصلح إلى رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المسلمين في دخول مكة من أجل العمرة، غير أن قريش عندما علمت بهذا قامت بإعداد جيش كبير للتصدي لهم وقتالهم.
عندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا أرسل مندوبًا إلى أهل قريش، حتى يعلمهم أنه جاء مكة قاصد العمرة وليس للقتال، وانتهت المفاوضات بين المسلمين والمشركين بتوقيع الصلح.
احتوى هذا الصلح على ستة بنود يجب على المسلمين ومشركي قريش الالتزام بها لمدة عشر سنوات من أجل وجود السلم بين الطرفين، وكان من أهم شروط صلح الحديبية وقف الحرب بين الطرفين، بجانب الابتعاد عن السرقة والغدر، وإتاحة الفرصة للقبائل الأخرى للانضمام لهذا الاتفاق والاصطفاف إلى أحد طرفيه.

من كان مندوب قريش في صلح الحديبيه

أرسلت قريش سهيل بن عمرو مندوب عنها لعقد صلح الحديبية مع المسلمين وهو:

سُهيل بن عَمرو القرشي العامري، وكنيته أبا يزيد، وهو من أشراف قريش، بل ومن أكثرهم فصاحة في الكلام، وقد دخل الإسلام يوم الفتح وحارب المرتدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى ذلك فإن سهيل بن عمرو كان وقتها من أقوى المقاتلين في صفوف المشركين، كما كان من أشراف مكة وكذلك أفصحهم لسانًا، ولعل ذلك ما جعل قريش تختاره متحدثًا عن القبيلة لإبرام هذا الصلح.

طلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم وقتها أن يلقّن عمرو درسًا حتى لا يتحدث مرة أخرى هكذا أمام رسول الله، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض متنبئًا بأنه سيكون له موقف يسعد به عمر بن الخطاب فيما بعد.

عندما تم فتح مدينة مكة على يد المسلمين، فقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال المشركين وقتذاك عما سيفعله بهم، فأجاب سهيل بن عمرو قائلًا: أخٍ كريم وابن أخٍ كريم، فأطلق سراحهم النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل سهيل بن عمرو الإسلام بعد ذلك.

كما كان الموقف الذي تنبأ به الرسول صلى الله عليه وسلم لسهيل بن عمرو أنه بعد وفاته ارتد عدد كبير من المسلمين وخرجوا من دين الإسلام، فقام سهيل بن عمرو مناشدًا إلى معشر قريش ألّا يكونوا آخر قومٍ دخلوا إلى دين الإسلام وأول من كفر به وابتعد عنه، وأقسم بالله أن الدين الإسلامي سوف ينتشر من مشارق الأرض وصولًا إلى مغاربها، وبالفعل دخلت قريش إلى دين الإسلام.

بمكن مشاهدة: ماذا حدث في غزوة الخندق ؟ وكيف تم حفر الخندق وما هي أسبابها ونتائجها؟

شروط صلح الحديبية

عقدت بنود الصلح بين المسلمين وأهل قريش، ووافق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفضها بعض من المسلمين ورأوا أنها تنهب حقهم، وجاءت شروط هذه المعاهدة كما يلي:

تنص على الابتعاد عن القتال بين المسلمين وقريش لمدة لا تقل عن عشر سنوات، ولا يكون بينهما أي حرب أو سرقة أو خيانة خلال هذه الهدنة.
من جاء من قبيلة قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولاه أمره دون علم قومه فعليه رده إليهم، أما من أتى قريش من المسلمين حتى ولو لم يكن يعلم الرسول بأمره فلا يردوه في أي حال من الأحوال.
أن كل قبيلة من المسلمين والمشركين لها حرية الاختيار في المعاهدة، أي من رغب الدخول في عهد المسلمين فله الحق في هذا، ومن كانت له رغبة أن يدخل في عهد قريش فله هذا الحق أيضًا، فدخلت خزاعة في العهد مع المسلمين ودخل بنو بكر في العهد مع قريش.
أن يرجع المسلمون خلال هذا العام إلى ديارهم دون أن يؤدوا مناسك العمرة بشرط أن يدخلوها العام المقبل، ولا يحملون معهم أي أسلحة غير السيف الذي في غمده.

نقض صلح الحديبية

لقد تم نقض صلح الحديبية بسبب اتفاق قريش مع بني بكر من أجل مهاجمة بني خزاعة، وذلك لأسباب مختلفة منها:

وجود عداوة قديمة بينهما؛ حيث استغل بنو بكر انشغال المسلمين بالدعوة وهاجموا بئر بني خزاعة ليلًا وقتلوا ثلاثة وعشرون شخص منهم.
كما رغب أهل قريش جميعًا في تصحيح ما حدث بينهم بسبب أنهم نقضوا عهدهم مع المسلمين في الصلح، فأرسلت قريش أبو سفيان إلى رسول الله لتجديد الصلح بينهم، وطلب من رسول الله تمديد الصلح ومد فترة العقد، إلا أن رسول الله لم يقبل بهذا أبدًا ورفض دعوتهم.
ثم التقى أبو سفيان بعد ذلك بعمر بن الخطاب وطلب منه أن يتحدث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يطلب منه مد فترة الصلح إلا أن عمر بن الخطاب رفض هذا، كما رفض أبو بكر وعثمان بن عفان أيضًا.
بعد ذلك عاد أبو سفيان إلى قريش بدون أن يتم تجديد الصلح، وخطط النبي صلى الله عليه وسلم حينها لفتح مكة في السر حتى لا يعلم أحد من المشركين.

يمكن قراءة: لماذا طرد الرسول اليهود من المدينة المنورة؟ غزوات بني قينقاع و بني قريظة

نتائج صلح الحديبية

نتائج صلح الحديبية انتهت بانتصار المسلمين على أهل قريش وفتح مكة كالتالي:

لقد قدم هذا الصلح إلى دولة الإسلام الوليدة الهيبة والرهبة في قلوب جميع أعدائها، وانتشر صيتها في الجزيرة العربية بأكملها.
كما أعطت فرصة للمسلمين من جديد للتجهيز والدعوة إلى الإسلام، فقد استغل المسلمون فترة الهدنة هذه في إرسال الرسائل إلى الحكام، وخوض معارك مهمة مثل غزوة مؤتة.
كما أن تلك المعاهدة قد لفتت أنظار المسلمين إلى الخطر المحدّق بهم وكذلك بدينهم الحنيف من خلال انتشار اليهود داخل الجزيرة العربية، خاصة في منطقة خيبر التي توجه إليها المسلمين قبل الإقدام على فتح مكة في السنة السابعة للهجرة، لذا تم فتح حصونها، وإبعاد اليهود وخطرهم ومكائدهم عن الجزيرة العربية بأكملها.

إلى هنا نكون قد انتهينا من عرض كل ما يخص صلح الحديبية وأهم أسباب عقده، وكذلك الأطراف التي سعت لعقد ذلك الصلح، وكذلك تمت الإشارة إلى أبرز نتائجه وأثر ذلك على قوة الدين الإسلامي وانتشاره فيما بعد، ويعد ذلك الصلح هو نقطة تحول هامة في تاريخ المسلمين وقتها، خاصة وأن على أثره تم فتح مكة.