في كل أسرة تحدث المشاكل، فهي من الأمور الطبيعية والمعروفة في الأسر، لكن الاختلاف يكون في التعامل مع هذه المشاكل وحلها، فهناك من يعرف كيفية حل المشاكل الزوجية والأسرية بحكمة ، وهناك من لا يعرف فلا يزيد الطين إلا بلة. وسنناقش هذا إن شاء الله تعالى في هذا المقال.
وهذه المشاكل الزوجية والأسرية تنشأ بسبب أحد الزوجين أو أحد الأولاد، وحلها منوط بالوالدين أكثر شيء، وبين الزوجين حلها منوط من الجهتين، أي أن الزوجين معا يجب أن يفهما أن عليهما حل هذه المشاكل مع بعضهما. وأهم الحلول المشتركة بين الزوجين لحل مشاكلهما:
حل مشاكل الزوجين من طرف الزوجين مع بعضهما
- معرفة كل أحد واجباته تجاه الآخر في الإسلام واستيفاءها.
- تقوى الله رب العالمين في بعضهما وفي أولادهما.
- تذكر الحب والعشرة بينهما وعدم السماح للتوافه بإفساد ذلك.
- مناقشة مشاكلهما في هدوء بالحوار بآدابه وبهدوء تام في الوقت المناسب لذلك وليس في وقت الغضب.
- الابتعاد عن بعضهما قليلا في بعض الأحيان، لأن الزوجين وإن أحبا بعضهما حدثت بينهما المشاكل وملا من بعضهما إذا اقتربا وبقيا مع بعضهما لوقت أكثر من اللازم.
- محاولة التفاهم دائما ووضع القواعد بينهما في التعامل لتقليل أكبر قدر ممكن من الخلافات التافهة.
- التنازل قليلا لبعضهما البعض نظرا إلى بعض الظروف التي تستحق التنازل حتى لا يقع الضغط على طرف دون الآخر.
- ترك المشاكل الزوجية بعيدة عن الأبناء قدر الإمكان، ومحاولة عدم التشاجر أمامهم، لأن ذلك قد يخلف لهم مشاكلا نفسية كبيرة.
- التدخل في المشاكل التي تنشأ بين الأولاد، أو تدخل أحدهما في المشاكل التي تنشأ بين الآخر وأحد الأبناء، ومحاولة حلها بالرفق وبالتي هي أحسن.
- إقامة القواعد في البيت على الأولاد برضاية الجميع، والعمل على تنظيم البيت قليلا حتى تنقص الخلافات ولا تكون الفوضى.
- الحرص دائما على الاهتمام من طرف كل فرد من العائلة بباقي الأفراد، حتى يكون هناك تماسك وترابط في العائلة فتكون أسرة قوية.
كيفية حل المشاكل الزوجية والأسرية من طرف الزوج
على الزوج أن يكون حكيما في حل المشاكل، لأن الرجل هو رب البيت، والرجل طبيعيا خلقه الله وأعطاه حكمة زائدة وعقلا راجحا، فحل المشاكل في يده إن أراد هو ذلك، وإن كان قويا بما يكفي لذلك، ومما على الرجل أن يفعله لحل هذه المشاكل:
- أن يستمع لزوجته ويعطيها الوقت لتشكو له همها في غير وقت المشاكل، لأن الاستماع إلى المرأة في هدوء يجعلها تعبر عن ما بداخلها بصدق.
- أن يراعي شعور زوجته وأن لا يجرحها بكلمات قاسية ولا يعنفها ولا يقسو عليها. بل عليه أن يظهر لها الحب حتى في وقت المشاكل، لأن التعامل مع المرأة يجب أن يكون باللين. ولا تنفع معها القسوة.
- أن يعطيها وقتا خاصا بها وأن لا يضيق عليها الخناق، فيتركها مثلا تحكي مع صديقاتها أو تذهب أحيانا لبيت أهلها أو غير ذلك من الأمور التي تحبها المرأة.
- أن يكون ذا صدر رحب وعقل واسع، وأن لا يستمع للكلمات التي قد تقولها الزوجة في لحظات الغضب، لأنها لا تقصد ذلك دائما.
- أن يعتذر لها ويبدي لها الندم إذا آذاها، كأن يجلب لها هدية من الخارج ويعتذر منها، فهذه الثقافة مهمة جدا بين الزوجين.
- كتم الغضب وعدم الاستسلام له، لأن الغضب من أكثر ما يهلك الأسر.
- أن يلتزم بالأمور التي تفاهم عليها مع زوجته ولا يكون مخادعا، فعليه أن يفي بوعده حتى ترضى الزوجة من جهة، وحتى يحفظ هيبته كرجل من جهة أخرى.
كيفية حل المشاكل الزوجية والأسرية من طرف الزوجة
- مبادلة النقاش مع الزوج وفتحه له في الوقت المناسب لذلك، فلا يصح مثلا أن تفتحي النقاش له حين يعود من العمل مثلا، لأن ذلك لن يتسبب إلا في غضبه.
- أن تراعي شعور زوجها وأن لا تجرح مشاعره وتكسر كرامته كرجل، وأن لا تلقي اللوم عليه كثيرا.
- إياك وأن تذكري له أمورا وملفات قديمة وتذكريه بالماضي، لأن ذلك لا يزيد الطين إلا بلة، وحاولي أن تركزي على الموضوع.
- أنصتي لزوجك عندما يتحدث ولا تقاطعيه، وأنصتي له لتفهمي ما يقوله وليس لتردي عليه، لأن معظم النساء يستمعن من أجل الرد وليس من أجل الفهم.
- لا تكفري نعمة زوجك عليك، فحاذري من أن تنسي إيجابيات زوجك وتتذكري مساوئه وحسب، وكفر نعمة الزوج يترتب عليه إثم عظيم في الإسلام.
- لا تنشري مشاكلك الزوجية مع الناس، لأن الناس لا ينظرون بمنظورك، ولا يعلمون بحالك، ونصائح الناس كثيرا ما يفسد العلاقات ولا يصلحها إلا ما ندر. وقليل هم من ينصحون نصائحا تنفع.
- إياك وأن تطلبي الطلاق من زوجك في لحظة غضب، لأن الطلاق ليس لعبة، والتي تطلب الطلاق من زوجها لغير أمر ذي بال فلها إثم عظيم في الإسلام.
- لا تستفزي زوجك، وكوني هادئة حكيمة معه قدر الإمكان، وحاولي دائما البقاء في إطار أنثويتك ورقتك، لأن ذلك مفتاح هدوء الرجل.
كيفية حل المشاكل في الأسرة من طرف الأبناء
الأبناء عادة لا يمكنهم التدخل في المشاكل الزوجية، لأن تدخلهم فيها كثيرا ما يجعلهم يخسرون أحد والديهم وهذا خطأ كبير، ولا يمكنهم إلا محاولة بذل النصيحة بطريقة حذرة ومناسبة.
أما في المشاكل التي تحصل بين إخوتهم أو بين إخوتهم وآبائهم ويمكنهم الفصل فيها والتدخل لحلها فهذا حسن. وهذا الدور يكون غالبا من طرف الإخوة الكبار نحو الصغار.
ماذا لو استحال الحل وتطور الأمر كثيرا
عند تطور الأمر بشكل كبير بين الزوجين فمن المؤكد أن أهل الزوجين سيسمعان بالمشكلة، وعندما يحدث ذلك فإن القرآن الكريم أرشد إلى حل المشاكل الزوجية والأسرية بحكمة بالغة، قال تعالى في القرآن الكريم:
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (24) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (25)} النساء
ويقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى في هذا الشأن، فيما معنى الكلام:
- من الواجب أن تكون العشرة بين الزوجين بالمعروف، فلا يظلمها ولا تظلمه ولا يقصران في حق بعضهما. وهذا الذي تكون به السعادة الزوجية.
- فإن لم يمكن هذا وكثرت الخلافات: أمر الله الزوج إن رأى نشوزا من زوجته أن يعظها، فإن لم تتعظ فليهجرها في المضجع، فإن لم تتعظ فليضربها ضربا غير مبرح كما قال رسول الله ﷺ.
- فإذا استحال الأمر وبلغ الأمر حد الخوف من الشقاق، فهنا يتدخل بينهما الحاكم وهو القاضي أو نحو ذلك، وذلك بـ:
- إقامة حكم من أهله وحكم من أهلها، يتقيان الله وينظران في الأمر ويحاولا الإصلاح بينهما.
- وإن لم يحصل الوفاق والحل تعاد المحاكمة ويحاولون الحل وإلا يفرقان بينهما.
- وبالنسبة للزوجة التي كرهت زوجها ولم تطقه، وطلبت الخلع منه، هنا يتدخل الحاكم، وهو الحاكم أو القاضي أو الجهة القانونية اليوم، وهو ينظر في الأمر ويرى إن كان الحال يقتضي الطلاق أو هناك أمل في الإصلاح، والإصلاح دائما أفضل إلا في الإستحالة.
- ومن الممكن للحاكم أن يطلق المرأة من زوجها حتى ولو أبى هو ذلك.
وهذه هي الطريقة الصحيحة لحل المشاكل بين الزوجين في الإسلام.
دعاء لحل المشاكل الزوجية
لا يوجد هناك دعاء محدد في كيفية حل المشاكل الزوجية والأسرية، وإنما تعد المشاكل الزوجية من الهموم والكروب التي تصيب المؤمن، وهناك أدعية كثيرة مأثورة لتفريج الهموم والكروب، نذكر منها:
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلِدْ ولم يولَدْ ولم يكنْ له كُفُوًا أحدٌ فقال : {لقد سألتَ اللهَ بالاسمِ الأعظمِ ، الذي إذا سُئِلَ به أَعطى ، وإذا دُعِيَ به أجاب}. صححه الألباني.
فللإنسان أن يدعو بهذا الدعاء ويسمي حاجته في الأخير، وفي حالتنا هذه يمكن أن نقول:
اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلِدْ ولم يولَدْ ولم يكنْ له كُفُوًا أحدٌ أن تيسر أمرنا وتحل مشاكلنا، وأن تبعد عنا كل سوء برحمتك يا أرحم الراحمين…
والمهم في الدعاء ليس صيغته بقدر ما هو صدق النية والإخلاص في الدعاء وشروط استجابة الدعاء. ولنا مقال في الدعاء وشروط استجابته مقال مفصل من هنا: شروط استجابة الدعاء في ضوء الكتاب والسنة – كيف يستجيب الله دعاءنا ؟
هذا والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.