سيدنا آدم عليه السلام هو أبونا أبو البشر، خلقه الله من طين ثم نفخ فيه من روحه، خلق في السماء ثم خلقت منه أمنا حواء، ثم أنزل إلى الأرض بعد أن أغواه الشيطان، و هو رسول من الرسل، و سنتحدث في هذا المقال عن قصة سيدنا آدم عليه السلام .
خلق سيدنا آدم عليه السلام
قصة خلق سيدنا آدم عليه السلام ذكرت في عدة مواضع من القرآن الكريم، منها في سورة الحجر من الآية 26 إلى الآية 44. و مفادها أن الله تعالى قال للملائكة أنه سيجعل في الأرض خليفة، فقال الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها كما أفسد الأولون؟ فقال تعالى: إني أعلم ما لا تعلمون. فخلق الله آدم عليه السلام من طين الأرض، و لما خلقه و سواه أمر الملائكة أن يسجدوا له إذا نفخ فيه من روحه.
ثم نفخ فيه الروح فسجد له كل الملائكة إلا إبليس، و إبليس لم يكن من الملائكة إنما كان معهم على الصحيح، و إنما إبليس كان من الجن، و إلا فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، و لم يسجد تكبرا و بغيا، فلما سأله الله: ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك؟ فقال: أنا خير منه، خلقتني من نار و خلقته من طين. فتكبر على آدم عليه السلام. فلعنه الله و أخرجه من رحمته، و وعده بالنار يوم الدين، فقال إبليس: بعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين.
فكان إبليس غويا و عصى أمر الله و أبى إلا الاستكبار و البغي، فحلت عليه لعنة الله إلى يوم الدين. تعهده الله بالنار هو و من اتبعه من الغاوين. و في هذا حكمة يعلمها الله، أن يخلق الخلق و هو يعلم أنهم سيعصونه، و أن يعاقبهم على أفعالهم و هو يعلم أنهم سيخطؤون، و من الشر ما يؤدي إلى الخير. و هو أعلم بما يفعل، و لا يُسأل عما يفعل و نحن نُسأل.
ثم علم الله آدم عليه السلام الأسماء كلها، و اختلف العلماء في ماهية هذه الأسماء، و منهم من قال أنها أسماء الأشياء التي نعرفها في الدنيا… المهم أنه علمه علما، ثم عرض هذا العلم على الملائكة فقال لهم: أنبئوني بأسماء هؤلاء. فقالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا. فأمر آدم عليه السلام أن ينبئهم بأسمائهم فأنبأهم فقال الله: ألم أقل لكم أني أعلم ما لا تعلمون.
اسكان سيدنا آدم عليه السلام الجنة ثم إخراجه منها
و أسكن الله آدم عليه السلام الجنة، ثم خلق له أمنا حواء من ضلعه، و قال له: يا آدم اسكن أنت و زوجك الجنة و كلا منها رغدا حيث شئتما، و لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فأمرهما أن يسكنا الجنة و يأكلا منها حيث شاءا إلا شجرة واحدة أمرهما بعدم الأكل منها.
و عاشا في الجنة زمنا يعلمه الله، ثم أتاهما إبليس عليه لعنة الله فوسوس لهما و قال لهما: ما منعكما ربكما من هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. فأغواهما إبليس و زين لهما المعصية حتى وقعا فيها، و فعل معهما كما يفعل مع أي منا حين يغوي أحدنا فيأتي المعصية و هو يعلم أنها محرمة عليه، فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما و كانا مستورين قبل ذلك، فصارا يواريان سوءاتهما بورق الجنة.
فأمرهم الله جميعا عندها بالنزول من الجنة، آدم و حواء و إبليس، فقال: اهبطوا منها جميعا. و تاب آدم عليه السلام إلى ربه فتاب عليه و غفر له، لكن إبليس لم يتب، و أنزلهم الله جميعا إلى الأرض، و صار إبليس و ذريته من الشياطين أعداء لآدم عليه السلام و ذريته من الإنس إلى يوم الدين، و صار سيدنا آدم عليه السلام و ذريته في اختبار كبير على الأرض، من نجا من كيد الشيطان فآمن بالله و لم يشرك به شيئا و أطاعه دخل الجنة، و من غوي و كفر بالله و أشرك به و عصاه دخل النار.
أبناء سيدنا آدم عليه السلام
و عاش سيدنا آدم عليه السلام على الأرض هو و حواء، و رزقهما الله بالذرية توائما، كل توأم ذكر و أنثى، و لما كبروا أمرهم أبوهم أن يتزوج كل ذكر منهم بأنثى غير توأمه، و في ذلك كان لديه ولدان أحدهما يدعى هابيل، و الآخر قابيل، فأمر هابيل أن يتزوج أخت قابيل، و أمر قابيل أن يتزوج أخت هابيل، فضن قابيل بأخته و بخل بها على أخيه هابيل و أرادها لنفسه.
فتنازعا عليها و الحق مع هابيل لأنه أمرُ أبيهما، فاحتكما إلى نبي الله آدم عليه السلام، فأمرهما أن يقربا قربانا، فقرب كل منهما قربانا لله فتقبل من هابيل و لم يتقبل من قابيل. فأخذ قابيلَ الغضبُ و الكبر و غلبه الشيطان فقال لأخيه: لأقتلنك.
فقال له هابيل: إن أنت بسطت إلي يدك لتقتلني فما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين.
ثم اتبعه حتى خلا به بمكان فقتله، و لما سقط في يده لم يدر كيف يواريه، بعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه، عندها قال: يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي، فأصبح من النادمين، و دفن أخاه، ثم أخذ أخته فهرب بها من بلاد أبيه، و ما كان بعد ذلك من حال قابيل اختلف فيه أهل العلم، و الله أعلم بما حل به.
وصاية سيدنا آدم عليه السلام لابنه شيث قبل وفاته
و ولد لآدم عليه السلام بعد وفاة هابيل ابن يدعى شيث، و هناك من يقول أنه من الأنبياء، و لما مرض آدم عليه السلام مرض الموت أوصى له من بعده، و يقال أنه ولد وحده بدون توأم، فعلمه مما يعلم من أمور العبادات و ساعات النهار…
وفاة سيدنا آدم عليه السلام
و لما اشتد على آدم عليه السلام المرض و حضره الموت جاءته الملائكة بالكفن و الحنوط من عند الله، و لما مات غسلوه و كفنوه و حفروا له و ألحدوه في قبره ثم قالوا لأبنائه: يا بني آدم هذه سنتكم.
اختلف في موضع دفنه و عمره، أما عمره فالراجح أنه كان ألف سنة أو أكثر بقليل، و أما موضع دفنه فليس فيه قول واضح، فالأفضل أن نقول العلم لله.
ختاما
قال تعالى: << لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) >> يوسف -111- .
فالرسل و الأنبياء عليهم السلام كان في قصصهم عبر و معان جليلة للمؤمنين من أولي الألباب، فعلينا أن نعرف قصصهم و نتمعن فيها و في معانيها، لأن الأنبياء أفضل خلق الله و أشرفهم و أعلمهم ، و علينا أن نستن بسننهم و نسير على مناهجهم.
اللهم وفقنا لما تحب و ترضى، و وفقنا لنكون خلفا صالحا للسلف الصالح، و أن نكون هداة مهتدين. و الحمد لله رب العالمين، و صل اللهم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين.
مصادر
القرآن الكريم
السنة النبوية الصحيحة
كتاب قصص الأنبياء –ابن كثير-