إذا تحدثنا عن علامات الساعة ، نتحدث عن خامس أركان الإيمان، و هو الإيمان باليوم الآخر، أي الإيمان بأن هناك حياة بعد الموت، و أن الله سيبعث الناس من قبورهم، و يحاسبهم على أفعالهم، فيجزي المحسن بإحسانه و المسيء بسوئه و يغفر لمن يشاء، و يدخل المؤمنين الجنة و الكافرين النار.
و أول ما في اليوم الآخر، هو القيامة، أو الساعة، و لقيام الساعة علامات أخبرنا عنها النبي – صلى الله عليه و سلم – منها علامات صغرى و علامات كبرى، و منها ما حدث و منها ما لم يحدث.
فما هي علامات الساعة؟ و ما هي العلامات الكبرى و الصغرى؟ و أي العلامات حدثت و أيها لم تحدث بعد؟
ما هي علامات الساعة؟
علامات الساعة هي أشراطها، أي أن هناك أمورا معينة عينها النبي – صلى الله عليه و سلم – لن تقوم الساعة حتى تحدث هذه الأمور، و الساعة هي القيامة، و هي اليوم الذي سيموت فيه كل المخلوقات من إنس و جن و حيوان و ملائكة، فلا يبقى إلا الله وحده، و هو يوم مهول تنقلب فيه الأرض إلى صورة أخرى مهولة، قال تعالى: << يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ >>. أي أن الأرض و السماوات تتبدل إلى صورة غير صورتها الحالية.
و عدد العلامات الصغرى ليس محددا بالضبط، فهناك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة في هذا الشأن، أما العلامات الكبرى فهي 10 علامات.
علامات الساعة الكبرى:
وردت في حديث روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن علامات الساعة الكبرى عشر و هي:
1: طلوع الشمس من مغربها.
2: خروج الدابة.
3: خروج يأجوج و مأجوج.
4: ظهور المسيح الدجال.
5: نزول عيسى ابن مريم –عليه السلام-.
6: الدخان.
7: خسف بالمغرب.
8: خسف بالمشرق.
9: خسف بجزيرة العرب.
10: خروج النار من اليمن، تسوق الناس إلى المحشر.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : << لن تَكُونَ- أو لن تَقُومَ- السَّاعةُ حتَّى يَكونَ قَبْلَها عشْرُ آياتٍ: طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغْرِبِها، وخُروجُ الدَّابَّةِ، وخُروجُ يَأْجوجَ ومَأْجوجَ، والدَّجَّالُ، وعيسى ابنُ مريمَ، والدُّخَانُ. وثلاثُ خُسوفٍ: خَسْفٌ بالمَغرِبِ، وخَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وخَسْفٌ بجَزيرةِ العربِ. وآخِرُ ذلكَ تَخرُجُ نارٌ مِنَ اليَمَنِ، مِن قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إلى المَحْشَرِ>>. *سنن أبي داوود*
و علامات الساعة الكبرى لم تحدث أي منها، و ليس هناك ترتيب واضح لحدوث هذه العلامات، فلم يتفق العلماء على ترتيب معين، لأنه لم ترد هناك أحاديث تدل على ذلك، و رتبها البعض استنباطا، و الواضح أن هناك علامات ستحدث قبل طلوع الشمس من مغربها، لأن ذلك علامة غلق باب التوبة، و لذلك ففتنة المسيح الدجال و يأجوج و مأجوج، و نزول عيسى عليه السلام، هي علامات تأتي قبل طلوع الشمس من مغربها. و كذلك فإن نزول عيسى عليه السلام يكون قبل ظهور الأعور الدجال، لأن الله ينزله ليقتله. أما غير ذلك فغير واضح.
علامات الساعة الصغرى:
وردت الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن العلامات الصغرى للساعة، و من هذه العلامات ما حدث، و ما لم يحدث بعد، و ما حدث و لا يزال يحدث، و أهم العلامات الصغرى التي حدثت:
علامات الساعة الصغرى التي حدثت و انقضت:
1: إرسال رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم و موته، و انشقاق القمر. قال تعالى: <<اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ>> القمر *1-2*. و قال صلى الله عليه و سلم: < بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ>، وَيَقْرُنُ بيْنَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى. حديث صحيح.
2: فتح بيت المقدس: و قد فتحه أمير المؤمنين، الخليفة عمر –رضي الله عنه-.
3: ظهور نار الحجاز، و هو بركان فاض في الحجاز سنة 654 أخبر عنه النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، يضيء لها أعناق الإبل ببُصرى) رواه البخاري و مسلم.
4: أن تلد الأمة ربتها: و فسر العلماء ذلك بعدة تفسيرات، منها أنه في زمن كثرة الفتوحات كثر السبي، فتجد السيد تلد له أمته ولدا فيكون ذلك الولد سيدا على أمه، أي ربها، و قيل أنه كثرة العقوق، أي أن المعنى يصير مجازيا. أما التفسير الأول فقد حدث و انقضى، إذ لا توجد إماء في الوقت الحاضر إلا ما ندر، أما الثاني فيمكن عده مما حدث و لا يزال يحدث.
علامات الساعة الصغرى التي حدثت و لا تزال تحدث:
هذه كثيرة و لا يوجد تعداد معين لها، منها:
- كثرة الشح و البخل بين الناس.
- كثرة النساء و قلة الرجال.
- قلة العلم و كثرة الجهل.
- تفشي المعاصي و ظهور الفساد.
- كثرة القتال و الفتن.
- شيوع الزنا و الربا و شرب الخمر و سائر الفواحش.
- تسليم الأمر لغير أهله.
- كثرة التجارة.
- كثرة القتل.
- زخرفة المساجد.
- قلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
- ظهور النساء الكاسيات العاريات.
- اختلال المقاييس من ائتمان الخائن و تصديق الكاذب و نطق الرويبضة.
علامات الساعة الصغرى التي لم تحدث بعد:
- ظهور المهدي من أهل بيت الرسول. و هذه آخر العلامات الصغرى التي ستحدث، و بعدها تبدأ العلامات الكبرى. و هناك من يعد ظهور المهدي مع العلامات الكبرى.
- عودة جزيرة العرب جنات و أنهارا.
- انتفاخ الأهلة و تكليم السباع و الجماد للإنسان.
- فتنة الأحلاس و الدهماء.
- ظهور رجل يدعى الجهجاه يكون له الملك.
- كثرة الزلازل و الكوارث الطبيعية.
و نحن في هذه السنوات نرى كل يوم تحقق هذه العلامات، فمتى يرجع المسلمون و يتعظون و يعودون إلى ربهم. يقول تعالى:<< يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ >>﴿1 الحج﴾. و قال أيضا: <<وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ>> ﴿77 النحل﴾.
فالساعة قريبة و ليست ببعيدة، و على الإنسان أن يعمل لآخرته كأن الساعة تكون غدا، و كأنه سيموت حينا أو بعد حين، فلا يؤجل و يقول: سأتوب غدا أو بعد غد أو وقت كذا أو كذا… فإن هذا من خدع النفس و الشيطان، و على الإنسان أن يتوب في كل يوم و في كل لحظة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة. رواه مسلم.
اللهم اهدنا في من هديت، و عافنا في من عافيت، و تولنا في من توليت. اللهم إنا نسألك أن تعصمنا من فتنة المسيح الدجال، و من فتن هذا الزمان، و من فتن قادم الزمان، و أن تتوفانا إليك و أنت راض عنا. و أدخلنا جنتك مع الأبرار و الأنبياء و الصالحين، إنك أنت ولي ذلك و القادر عليه. آمين.
شاهد موضوع له علاقة: تفسير حلم رؤية علامات الساعة في المنام