إن المرأة هي الدعامة الأساسية للأسرة، والأسرة هي الدعامة الأساسية للمجتمع، وإن للمرأة في الإسلام مكانة لا ينكرها إلا جاهل، فهي الأم الحنون، والزوجة العطوف، والبنت الودود، والأخت العزيزة. في هذا المقال، نتحدث عن دور المرأة في الأسرة والمجتمع الإسلامي.
مكانة المرأة في الإسلام
من المعلوم أن المرأة في الإسلام لها مكانة عظيمة، وأن الإسلام أنصف المرأة بعد أن كانت مظلومة في الجاهلية، فأعطاها الحقوق وأوصى بها، وشرع الشرائع لحفظها من كل سوء وحمايتها تحت كنف الرجل.
وثالث أكبر سورة في القرآن الكريم هي سورة النساء، فيها كل ما شرعه الله من حقوق النساء، فجعل لهن الميراث بعد أن لم يكن لهن حق في الجاهلية، وبين الحدود والحلال والحرام في تزوج النساء وغير ذلك لصيانة المرأة عن الفواحش والفساد مما كان من أمر الجاهلية.
وليس كما يزعم بعض المفسدين اليوم والداعين للفساد أن الإسلام ظلم المرأة وسلبها حريتها، هؤلاء ما يريدون إلا كشف الستر عنها والإلقاء بها إلى الهاوية، وكيف لا وهؤلاء ما يدعون إلا لأمور لا تقبل لا بالعقل ولا بالفطرة، جعلوا حرية المرأة في تجردها من حيائها وعفتها والعياذ بالله.
والمرأة العاقلة المؤمنة لا تقبل بمثل هذا، لأنها تعلم حق العلم أن ما ذاك إلا ظلم عظيم للمرأة، وأن الإسلام هو الخير وأن الله هو أحكم الحاكمين.
دور المرأة في الأسرة
كما قلنا فالمرأة هي الدعامة في البيت، فهي الأم والزوجة والأخت، والأم أول مربية قبل الأب خاصة في مرحلة الطفولة، لأن الأب بعيد عن البيت في الغالب، فهو في العمل، وحتى إذا لم يكن كذلك ففطرة الرجل ليست كفطرة المرأة، والطفل في بداية حياته يحتاج إلى حنان المرأة أكثر من قوة الرجل وقسوته.
ويمكن تلخيص دور المرأة في الأسرة في النقاط التالية:
-
تربية الأبناء
- وللأم القسط الأكبر في ذلك، فإذا كانت الأم صالحة متعلمة ربت أبنائها تربية حسنة صحيحة، وخاصة بالنسبة للبنات، فتربية المرأة للبنت يستمر معها إلى أن تزوجها، لكن تربيتها للبنين تنقص مع وصوله لسن المراهقة إلى الشباب، وتصير إلى الرجل أكثر منها.
-
خدمة الزوج والأبناء
- وهو أشهر أدوار المرأة في البيت، وهو من الأمور الطبيعية الفطرية كما أن عمل الزوج ونفقته على أهله من الأمور الطبيعية كذلك، ومسألة وجوب خدمة الزوجة لزوجها محل خلاف بين العلماء، لكنه من السنن الفطرية، وهو ما كانت عليه نساء النبي ﷺ وبناته والسلف الصالح.
-
المرأة سكن الزوج
- قال تعالى: <<وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)>> الروم. فالمرأة هي سكن الزوج، وهي التي يطمئن إليها ويرتاح عندها من تعب الحياة وصعوباتها، وهذا من أعظم أدوار المرأة على الإطلاق، والنساء هن نساء الرجال العظام وأمهاتهم، فالرجل بالمرأة يصير عظيما.
-
المرأة راعية في بيت زوجها
- قال رسول الله ﷺ في حديث رواه عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: <<والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها>> رواه البخاري. وهو في حديث مطول تحدث عن رعية الإمام ورعية الرجل ورعية الخادم… وجعل المرأة راعية في بيت زوجها، فهي المسؤولة عن البيت وشؤونه ورعاية الابناء وتربيتهم التربية الصحيحة وغير ذلك من أدوار المرأة الجليلة العظيمة.
دور المرأة في المجتمع
وكما أن للمرأة الدور العظيم في البيت، فإن لها دورا مثله في المجتمع تبعا لدورها في البيت وغيره، لأن الأسرة هي اللبنة الاساسية للمجتمع، وإذا بنيت الأسرة على المرأة فالمجتمع أيضا قد بني عليها، ودورها في المجتمع دور خفي وراء الجدران، وليس كدور الرجل جلي ظاهر. ويمكن تلخيص دورها فيما يأتي:
-
المرأة هي المربية في الأسرة
- وهذا ما سبق وتحدثنا عنه، فكل فرد من أفراد المجتمع لا بد أنه قد تربى ونشأ في أسرة، فتربى على يد أمه أو غيرها إذا كان يتيما، وهذا أول دور مباشر للمرأة في بناء المجتمع.
-
المرأة نصف المجتمع
- كما هو معلوم، فإن الله خلق الذكر والأنثى، ولعل عدد النساء في بني آدم مثل عدد الرجال أو هو أكثر، لذا فالمرأة نصف المجتمع، وهي الشطر الثاني منه.
-
المرأة معلمة النساء ومربيتهم
- وبما أن المرأة هي نصف المجتمع، فهي تحتاج إلى تربية وتعليم وغيره من سائر أمور الحياة، ومن يعلم المرأة ويربيها؟ المرأة تربي المرأة، فالأم تربي البنت، والمعلمة تربي التلميذة وهكذا.
-
عمل المرأة في خدمة المجتمع
- صحيح أن المجتمع يحتاج إلى الرجال أكثر من النساء في العمل، والأصل في المرأة أنها في البيت كما قال تعالى: وقرن في بيوتكن. لكن هناك أعمالا لا تقدر على مباشرتها إلا المرأة، وهي الأعمال المتعلقة بالنساء خاصة، فالمجتمع يحتاج إلى المرأة الطبيبة، والمعلمة، والممرضة… وغيرها من الأعمال التي تخدم النساء، فكون الإسلام يحفظ المرأة ويصونها، فإنه يشرع لها أن تتعامل مع النساء دون الرجال إلا للضرورات. لذا يحتاج المجتمع إلى بعض النساء العاملات.
-
المرأة سند الرجل
- إذا كان الرجل هو أساس قيام الحضارة وهو الحامية وهو الذي به تقوم الأمة، وهو البناء والعالم والأستاذ، فالمرأة هي أساس الرجل، وهي سنده الذي به يقوم ويقدر على آداء واجباته وخدماته للمجتمع، فالمرأة حقا نصف المجتمع.
مقومات دور المرأة في الأسرة والمجتمع
بعد أن عرفنا دور المرأة في الأسرة والمجتمع، علينا أن نعلم أن المجتمع قد يصلح أو يفسد بصلاح المرأة أو فسادها، فالمرأة الصالحة هي التي تصلح الأسرة والمجتمع، وإذا فسدت المرأة فسد المجتمع وذهب. وقد صدق الشاعر حين قال:
الأم مدرسة إن أعددتها أعددت جيلا طيب الأعراق
وليست الأم فقط، وإنما الأم والزوجة والأخت… وأهم مقومات المرأة الصالحة التي تقدر على إصلاح الأسرة والمجتمع:
-
صلاح المرأة
- فالمرأة لتقدر أن تربي الأبناء، ولتكون أسوة حسنة لباقي النساء ولمن هي مسؤولة عنهم كالمعلمة، يجب أن تكون هي نفسها صالحة لتكون مصلحة، وما من سبيل لصلاحها إلا بالعلم، فإن المرأة اشتغلت بالعلم وعرفت شرع الله صلحت بإذن الله، وهذا كحال الرجل، فلا تجد مصلحا وهو فاسد أو جاهل.
-
العلم والحكمة والفصاحة
- وتحتاج المرأة لأن تتعلم لتعلم، وأن تكون حكيمة لتصلح وتدعو إلى الله على بصيرة، وأن تكون فصيحة لتقدر على التبليغ والبيان، وما يكون هذا إلا بتعلم شرع الله، والتأدب بأدب الأنبياء والعلماء واتباع سنة رسول الله ﷺ ونسائه وبناته وصالح نساء المسلمين، وتعلم شيء من اللغة والنحو وغير ذلك.
-
النشاط في الدعوة
- ولتكون المرأة مصلحة فعالة في مجتمعها، فعليها أن تنشط في الدعوة إلى الله بما استطاعت، والدعوة إلى الله تبدأ من البيت، فيمكنها أن تدعو إلى الله بتعليم أبنائها وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، وأن تنصح زوجها وتكون له مرشدا للخير والصلاح، وأن تدعو النساء من بنات جنسها ما استطاعت. والدعوة لله مجال مفتوح.
ختاما
وخلاصة الكلام أن المرأة والرجل سواء في الدور والأهمية في صلاح المجتمع وسداده، والإسلام يدعو إلى إنصاف المرأة، وقد أعطاها كل حقوقها وأوجب عليها كما أوجب على الرجل الواجبات.
وكما نعلم فالساعون إلى الشر المحاربون لله ورسوله اليوم من الكفار وغيرهم من دعاة الفسق يحاولون دائما إفساد المرأة بدعاوي كاذبة ظالمة، باسم الحريات وغيره من المسميات، وقد كذبوا، نسأل الله السلامة.
اللهم أصلح نسائنا واحفظهن من كل شر يا رب العالمين، واحفظهن من كيد الكائدين وحقد الحاقدين، واجعلهم هاديات مهديات على صراطك المستقيم.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على سيدك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مواضيع مشابهة
مصادر لمقال دور المرأة في الأسرة والمجتمع
القرآن الكريم
السنة النبوية الصحيحة –موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-
كتاب دور المرأة في إصلاح المجتمع –الشيخ ابن العثيمين رحمه الله-
موقع الشيخ فركوس حفظه الله.