المرض و الداء يعتبر ابتلاء للإنسان من خالقه جل و علا، يصيب الله به عباده ليطهرهم به و يمتحنهم أيصبرون أم يسخطون، و كما أنزل الله الأمراض و الأدواء، أنزل الشفاء و الدواء، و من أسباب الشفاء الدعاء، و هذا حديثنا اليوم، سنتحدث عن نفعية الدعاء كدواء للأمراض، و نذكر عدة صيغ يقولها الإنسان في هذا المقال: دعاء للشفاء من المرض ومن كل داء .
لكل داء دواء
قال رسول الله ﷺ: << إنَّ اللهَ لمْ يُنْزِلْ دَاءً أوْ لمْ يَخْلُقْ دَاءً إلَّا أنْزَلَ أوْ خلقَ لهُ دَوَاءً ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ ، و جَهِلهُ مَنْ جَهِلهُ، إلَّا السَّامَ ، قالوا : يا رسولَ اللهِ و ما السَّامُ ؟ قال : المَوْتُ >> صححه الألباني. فلكل داء دواء إلا الهرم و الموت، فإذا أصاب الإنسان دواء الداء برأ بإذن الله.
الدعاء من أنفع الأدوية
و الدعاء من أقوى أسباب الشفاء و أنفعها، و هو سلاح المؤمن، فإذا كان المؤمن قويا في إيمانه، موقنا بالإجابة واثقا بالله، فإن الله يستجيب له و لو بعد حين، و الدعاء يتعالج مع القدر و يغالبه، فإذا كان أقوى منه رده، و إذا كان أضعف منه خففه، و إن كانا متكافئين تقاوما و منع كل منهما الآخر، و لا يرد القدر إلا الدعاء. و عن رسول الله ﷺ قال: << لا يرد القدر إلا الدعاء >> صحيح الترغيب و الترهيب.
و لقبول الدعاء و قوته شروط و أوقات إجابة صيغ مأثورة عن النبي … كالإلحاح في الدعاء و موافقة أوقات الإجابة و الدعاء بأدعية القرآن و السنة و حظور القلب…
المرض يطهر من الذنوب و الخطايا
قال النبي ﷺ: << ما يُصيبُ المسلِمُ من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ، ولا همٍّ و لا حزَنٍ ، و لا أذًى ولا غمٍّ ، حتَّى الشَّوكةُ يُشاكُها ، إلَّا كفَّرَ اللهُ بها خطاياه >> صححه الألباني. فالمرض يكفر من الخطايا و الذنوب، و الإنسان إذا أصابه أي أذى صغير كان أو كبيرا، كفر الله به له من خطاياه.
القرآن شفاء
قال تعالى في محكم التنزيل: << وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (44)>> فصلت -44- .
و قال العلماء، هذه الآية تدل على أن القرءان كله شفاء، فقراءة القرآن وحدها تنفع من الأمراض و الأدواء، و لكن قد يقول البعض أنه قد يقرأ أحد القرآن و لا نتيجة معه، فهنا يقال أن قراءة القرآن تستدعي قوة و همة القارئ و قبول المحل، فإذا لم ينفع القرآن فهناك مانع يمنع من شفائه.
و كذلك فالشفاء في يد الله سبحانه و تعالى، فإذا شاء أنزله و إذا شاء لم يفعل، و هذا نبيه أيوب –عليه السلام- مرض فدام بلاؤه 15 سنة نفر منه فيها القريب و البعيد إلا اثنين من إخوانه، و في هذا قصة معروفة في حديث نبوي صحيح.
و من أنفع الآيات الشافية سورة الفاتحة و آية الكرسي و سورة الإخلاص و المعوذتان و الكثير من الآيات.
دعاء سيدنا أيوب –عليه السلام- للشفاء من المرض
و أشهر قصة مرض في القرآن الكريم قصة سيدنا أيوب –عليه السلام-، إذا أصابه المرض و البلاء فلبث به 15 سنة، فلما دعا الله دعاء للشفاء من المرض كشف عنه ضره، قال تعالى : << وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84)>> الأنبياء -84-
فمن أنفع الأدعية الشافية من المرض دعاء سيدنا أيوب: رب إني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين.
بعض صيغ دعاء للشفاء من المرض المأثورة عن رسول الله ﷺ
دعاء للشفاء من المرض يدعو به المريض لنفسه
قال رسول الله ﷺ لرجل اشتكى إليه وجعا: << ضع يدَك على الذي تألَّم من جسدِك ، و قُلْ : بسم اللهِ ( ثلاثًا ) و قل ( سبعَ مراتٍ ) أعوذُ باللهِ و قُدرتِه من شرِّ ما أَجِدُ و أُحاذِرُ >> صححه الألباني.
و قال ﷺ: << من اشتكى منكُم شيئًا أو اشتكاهُ أخٌ له فليقلْ ربَّنا اللهُ الذي في السَّماءِ تقدَّس اسمُك أمرُك في السَّماءِ والأرضِ كما رحمتُك في السَّماءِ فاجعلْ رحمتَكَ في الأرضِ اغفرْ لنا حُوبَنا وخطايانا أنت ربُّ الطَّيِّبينَ أنزِلْ رحمةً وشفاءً من شفائِك على هذا الوجعِ فيبرأُ >> رواه ابن حجر.
كان رسول الله ﷺ يعوِّذ بهذه الكلمات: << اللهمَّ رَبَّ الناسِ أَذْهِبْ الباسَ ، واشْفِ وأنتَ الشَّافي ، لا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا .>> صححه الألباني.
دعاء للشفاء من المرض يدعو به المؤمن لأخيه المريض
كان رسول الله ﷺ ممَّا يقولُ للمريضِ يقولُ ببُزاقِه بإصبَعِه: ( بسمِ اللهِ تُربةُ أرضِنا بريقةِ بعضِنا يُشفى سقيمُنا بإذنِ ربِّنا ). رواه ابن حبان و مسلم و غيرهما.
و كان النبي ﷺ يعوِّذ الحسن و الحسين –رضي الله عنهما- فيقول: << أعيذُكُما بِكلماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ ، مِن كلِّ شيطانٍ وَهامَّةٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ>> رواه الترمذي.
و كان يعوذ أهله بالدعاء الذي ذكرناه سابقا أيضا، يمسح بيده اليمنى و يقول : << اللهمَّ رَبَّ الناسِ أَذْهِبْ الباسَ ، واشْفِ وأنتَ الشَّافي ، لا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا .>> صححه الألباني.
و هذه بعض الأدعية المأثورة عنه ﷺ، و الدعاء من الأفضل أن يدعى بالمأثور من الكتاب و السنة، و لكن لا بأس أيضا أن يدعو الإنسان كما يعرف، كأن يدعي بلغته أو بلهجته العامية، كل ذلك يجوز.
و يصح أن يرقي الإنسان لنفسه أو لأخيه المؤمن و أهله و أبنائه… و هناك عدة كتيبات رائعة فيها الكثير من الأدعية الخاصة بالرقى، منها كتابا حصن المسلم و كتاب الدعاء من الكتاب و السنة و العلاج بالرقى لابن وهف القحطاني، و كتاب الكلم الطيب لابن تيمية…
ختاما
كل مؤمن مبتلى، و من المؤمنين من يبتليه الله بالمرض، فعليه أن يصبر و يحتسب الأجر عند الله، و يدعو الله أن يشفيه و يعافيه، و يقدم أسباب الشفاء من تداو و زيارة الطبيب و تناول الدواء، لأن من التوكل على الله تقديم الأسباب، فعلى الإنسان إذا وجد دواء نافعا يعلم نفعه من أهل الاختصاص أن يأخذ الدواء ثم يتوكل على الله، و من يتوكل على الله فهو حسبه.
اللهم اشفي مرضانا و مرضى المسلمين، و عاف مبتلانا، و اجعل المرض و الأدواء تكفيرا و تخفيفا لنا من الخطايا و الذنوب، و أعنا على الصبر و الاحتساب. إنك أنت ولي ذلك و القادر عليه. و صلى الله على نبيه محمد و على آله و صحبه و أجمعين.
مواضيع مشابهة:
دعاء فك الكرب الشديد و تيسير الأمور
دعاء للوقاية من كورونا ورفع الوباء والبلاء
مصادر
القرآن الكريم
السنة النبوية الصحيحة –موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-
كتاب الداء و الدواء –ابن قيم الجوزية-
كتاب الكلم الطيب –ابن تيمية-
كتيب حصن المسلم –ابن وهف القحطاني-
كتيب الدعاء من الكتاب و السنة و العلاج بالرقى –ابن وهف القحطاني-