ولد رسول الله ﷺ في مكة المكرمة عام الفيل صبيحة يوم الاثنين من أوائل شهر ربيع الأول، و اختلف في يوم مولده بين من قال أنه في التاسع و من قال أنه في الثاني عشر، و من قال بغير ذلك، و يوافق ذلك سنة 571 من الميلاد شهر أبريل. و حدثت عند ولادته و في طفولته عدة معجزات و دلائل، و هذا هو عنوان مقالنا: المعجزات التي حدثت في مولد النبي ﷺ و طفولته .
هذه الأمور التي حدثت كانت دلالات قوية على أن محمدا ﷺ لم يكن كسائر الناس، و عرف المحيطون به ذلك و رأوه، و إن كانت هناك روايات ضعيفة رويت عن مولد النبي ﷺ و لا يستدل بها، مثل رواية أن 14 شرفة سقطت من إيوان كسرى، و أن النار التي يعبدها المجوس خمدت، و أن كنائسا هدمت في الشام و بعض الأمور الأخرى، و سنذكر هنا الصحيح فقط بإذن الله.
المعجزات التي حدثت في مولد النبي ﷺ و طفولته
وقعة الفيل
و هذه الحادثة حدثت قبل مولده ﷺ بحوالي 50 يوما، و هي القصة المشهورة التي نزلت فيها سورة من القرآن الكريم، و هي سورة الفيل، قال تعالى: << أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5) >>.
و هي الوقعة التي جاء فيها أبرهة الحبشي من اليمن بجيش عرمرم و جاء فيه بالفيلة ليهدم الكعبة، و عجزت عن صده العرب من شدة قوته، و لكن الله حمى بيته و القصة معروفة. و هناك من يقول أن هذا من المعجزات التي حدثت في مولد النبي ﷺ.
نور أضاءت به قصور الشام
قالت أم رسول الله ﷺ: لما ولدته خرج من فرجي نور أضاءت له قصور الشام.
بركته في بني سعد من المعجزات التي حدثت في مولد النبي ﷺ
تقص حليمة السعدي عنه ﷺ لما أرضعته أنهم كانوا في عام قحط و جفاف لا كلأ فيها، فلم تكن لديهم إلا شاة شارف لا تحلب قطرة واحدة، و كان ابنها يجوع فيبيت الليل باكيا، فما إن أخذت محمدا ﷺ حتى جاءهم الخير و الرزق من كل مكان، فصاروا يشبعون بعد جوع، و صارت شاتهم تحلب بعد جفاف، و صار صبيهم يرضع هو و محمد ﷺ حتى يرتويا و يشبعا.
و منذ أن أخذت النبي ﷺ و هم في سعة من العيش و بركة كبيرة، حتى إنه لما بلغ السنتين لإعادته إلى أمه، أعادوه لها و رجوها أن تعيده معهم خوفا عليه من وباء مكة، فلم يزالوا بها حتى ردته معهم، و بقي معهم إلى أن حدثت حادثة شق صدره في الرابعة أو الخامسة من عمره ﷺ.
حادثة شق الصدر من المعجزات التي حدثت في مولد النبي ﷺ
روى أنس بن مالك –رضي الله عنه- : < أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً، فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أعادَهُ في مَكانِهِ، وجاءَ الغِلْمانُ يَسْعَوْنَ إلى أُمِّهِ، يَعْنِي ظِئْرَهُ، فقالوا: إنَّ مُحَمَّدًا قدْ قُتِلَ، فاسْتَقْبَلُوهُ وهو مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، قالَ أنَسٌ: وقدْ كُنْتُ أرَى أثَرَ ذلكَ المِخْيَطِ في صَدْرِهِ. > رواه مسلم.
و لعل هذه الحادثة هي أشهر معجزة حدثت مع رسول الله ﷺ، و حدثت معه و عمره لا يتجاوز الخمس سنين، و خشيت عليه حليمة السعدية بعد هذه الوقعة فردته إلى أمه، و بقي معها حتى بلغ ست سنين.
ثم ماتت أمه و هو ابن ست سنين، و كفله جده إلى أن بلغ 8 سنين، و لما مات جده كفله عمه أبو طالب إلى أن كبر و اشتد عوده، و أدرك عمه أبو طالب الإسلام لكنه لم يسلم.
يستسقى الغمام بوجهه
و حدث في طفولته ﷺ لما كفله عمه أبو طالب أن جاء جدب و قحط على الناس، فجاؤوه يشتكون و يطلبون منه أن يستسقي، فخرج و معه محمد ﷺ فحمله و ألصق ظهره بالكعبة و ما في السماء قزعى، فأقبل السحاب و هطلت الأمطار و أغيث الناس، و إلى هذا أشار أبو طالب حين قال:
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
بحيرا الراهب
و مما حدث في طفولته أيضا من دلائل و معجزات، أنه لما بلغ 12 سنة خرج عمه أبو طالب للتجارة في الشام فأخذه معه، حتى وصل إلى بصرى، و هي على مشارف الشام، و كان بها راهب نصراني عرف بالراهب بحيرا، و لم يكن يخرج لهم قبل ذلك، فحدث هذه المرة أن خرج للقوم و دعاهم لضيافته و أكرمهم، و ذلك لأنه عرف صفة النبي ﷺ.
و عرفه بخاتم النبوة في كتفه و بعض الدلالات في كتبهم، و سأل أبا طالب أن يرده خوفا من أن يعرفه اليهود فيقتلونه، فخاف عليه عنه فرده إلى مكة مع بعض غلمانه.
ختاما
كانت هذه هي الروايات صحيحة ذات الإسناد الصحيح، أما ما روي غير ذلك فمنه ما هو ضعيف لا يستدل به، و منه ما هو باطل لا أصل له، و على كل، فلا حاجة لنا ملحة لهذه القصص، لأن أكبر معجزة أتى بها رسول الله ﷺ هي القرآن الكريم، و لنا في القرآن الكريم بدل و تعويض عن كل هذا.
اللهم وفقنا للاقتداء بنبيك ﷺ و جعله الأسوة الحسنة في كل أمورنا، و اهدنا إلى سواء السبيل. و صل اللهم على نبيك محمد و على آله و صحبه و أجمعين.
مواضيع مشابهة:
قصة زواج الرسول ﷺ من السيدة خديجة –رضي الله عنها- ، سببها و الحكمة من ذلك
قصص عن عدل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فاروق الأمة
مصادر
القرآن الكريم
السنة النبوية الصحيحة –موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-
كتاب الرحيق المختوم –للمباركفوري-